سورة النساء - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}
80- من يطع الرسول فقد أطاع اللَّه، لأنه لا يأمر إلا بما أمر اللَّه به، ولا ينهى إلا عما نهى اللَّه عنه. فكانت طاعته في الامتثال والانتهاء طاعة للَّه، ومن أعرض عن طاعتك فما أرسلناك إلا بشيراً ونذيراً لا حفيظاً ومهيمناً عليهم، تحفظ عليهم أعمالهم، إن ذلك لنا لا لك.
81- ويقول هذا الفريق المتردد: أمرك مطاع، وليس لك منا إلا الطاعة فيما تأمر وتنهى، ولكن إذا خرجوا من عندك وابتعدوا عنك دبَّرت طائفة منهم أمرا وبيتته، غير الذي تقوله أنت لهم من أمر ونهى، واللَّه- سبحانه وتعالى- يحصى عليهم ما يدبرونه في خفاء. فلا تلتفت إليهم، وأعرض عنهم، وفوض أمرك إلى اللَّه، وتوكل عليه، وكفى أن يكون اللَّه وكيلك وحافظك تفوض إليه جميع أمورك.
82- أفلا يتدبر أولئك المنافقون كتاب اللَّه فيعلموا حجة اللَّه عليهم في وجوب طاعته واتباع أمرك، وأن هذا الكتاب من عند اللَّه لائتلاف معانيه وأحكامه، وتأييد بعضه لبعض. فهذا دليل على أنه من عند اللَّه، إذ لو كان من عند غيره لتناقضت معانيه، واختلفت أحكامه اختلافاً كثيراً.
83- وإذا اطَّلَعَت هذه الطائفة المنافقة على أمر يتعلق بقوة المسلمين أو ضعفهم أفشوه ونشروه، جاهرين به للتغرير بالمسلمين أو إلقاء الرعب في قلوبهم، أو توصيل أبنائهم إلى أعدائهم، ولو أن هؤلاء المنافقين المذيعين ردوا أمر الأمن والخوف إلى الرسول وإلى أولى الأمر من القواد وكبار الصحابة، وطلبوا معرفة الحقيقة من جهتهم لعلم أولئك الذين يحاولون استخراج الوقائع وإذاعتها الحق من جانب الرسول والقادة، ولولا فضل اللَّه عليكم بتثبيت قلوبكم على الإيمان، ومنع الفتنة، ورحمته بتمكينكم من أسباب الظفر والانتصار، لاتبع أكثركم إغواء الشيطان، ولم ينج من إغوائه إلا القليل.


{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)}
84- وإذا كان بينكم أمثال هؤلاء المنافقين فأعرض عنهم، وقَاتِل في سبيل كلمة اللَّه والحق، فلست مسئولاً إلا عن نفسك، ثم ادع المؤمنين إلى القتال وحُثّهم عليه، لعل اللَّه يدفع بك وبهم شدة الكافرين، واللَّه مؤيدكم وناصركم، وهو أشد قوة وأشد تنكيلاً بالكافرين.
85- وإن هؤلاء المنافقين يناصرون الفساد، وأهل الإيمان يناصرون الحق، ومن يناصر في أمر حسن يكن له نصيب من ثوابه، ومن يناصر أهل السوء يكن عليه وزر من عقابه، واللَّه مقتدر على كل شيء محيط به.
86- وإذا حياكم أحد- أياً كان- بتحية من سلام أو دعاء أو تكريم أو غيره، فردوا عليه بأحسن منها أو بمثلها، فإن اللَّه محاسب على كل شيء كبيراً كان أو صغيراً.
87- اللَّه الذي لا إله إلا هو ولا سلطان لغيره، سيبعثكم حتماً من بعد مماتكم، وليحشرنكم إلى موقف الحساب لا شك في ذلك. وهو يقول ذلك فلا تشكوا في حديثه، وأى قول أصدق من قول اللَّه.
88- ما كان يسوغ لكم- أيها المؤمنون- أن تختلفوا في شأن المنافقين الذين يُظْهِرون الإسلام ويُبْطِنون الكفر، وما يسوغ لكم أن تختلفوا في شأنهم: أهم مؤمنون أم كافرون؟ ويقتلون أم ينظرون؟ وهم قابلون لأن يكونوا مهتدين أم لا ترجى منهم هداية؟ إنهم قلبت مداركهم بما اكتسبوا من أعمال، جعلت الشر يتحكم فيهم وما كان لكم أن تتوقعوا هداية من قَدَّر اللَّه في علمه الأزلى أنه لن يهتدى، فإن من يكتب في علم اللَّه الأزلى ضلاله، فلن تجدوا طريقاً لهدايته.


{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}
89- إنكم تودُّون هداية هؤلاء المنافقين، وهم يودون أن تكفروا مثلهم فتكونوا متساوين في الكفر معهم، وإذا كانوا كذلك فلا تتخذوا منهم نصراء لكم، ولا تعتبروهم منكم، حتى يخرجوا مهاجرين ومجاهدين في سبيل الإسلام. وبذلك تزول عنهم صفة النفاق، فإن أعرضوا عن ذلك وانضموا إلى أعدائكم فاقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تعتبروهم منكم ولا تتخذوا منهم نصراء.
90- استثنى من المنافقين الذين يستحقون القتل لإفسادهم لجماعة المؤمنين أولئك الذين يرتبطون بقوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق يمنع قتل المنتمين لأحد الفريقين، أو كانوا في حيرة أيقاتلون مع قومهم الذين هم أعداء المسلمين، وليس ثمة ميثاق، أم يقاتلون مع المؤمنين؟ فإن الأولين يمنع قتلهم لأجل الميثاق، والآخرين يمنع قتلهم لأنهم في حرج، وإن اللَّه- تعالى- لو شاء لجعلهم يحاربونكم، فإن آثروا الموقف السلبى وسالموكم فلا يسوغ لكم أن تقتلوهم، لأنه لا مسوغ لذلك.
91- فإن ظهرتم على الشرك كانوا معكم، وإن ظهر المشركون على الإسلام كانوا مع المشركين، فهم يريدون أن يأمنوا المسلمين ويأمنوا قومهم من المشركين، وهؤلاء في ضلال مستمر ونفاق، فإن لم يكفوا عن قتالكم ويعلنوكم بالأمن والسلام فاقتلوهم حيث وجدتموهم، لأنهم بعدم امتناعهم عن القتال قد مكنوا المؤمنين من قتلهم، وجعل اللَّه- تعالى- للمؤمنين حجة بيِّنة في قتالهم.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11